أب يحمل طفله المحتضر و هو يمشي في أرض قاحلة لا أثر للماء كل ما
هنالك بعض الشجيرات الشوكية هنا و هناك و شمس حارقة. يتحامل على تعبه و آلامه
باحثاً عن نجدة, سمع أن هناك مخيماً للاجئين على الحدود الصومالية الكينية فاستجمع
قواه وذهب في صحبة آخرين يحملون نفس الهم و يعيشون نفس الوضع.
كان الأب يحمل طفله و هو يتذكر هذه الأرض جيداً حينما كان طفلاً في
البادية, حينها كان لدى أهله الكثير من قطعان الماشية و كانوا يتنقلون بين
البراري. الخير كان وفيراً و كانت السعادة تحفهم من كل جانب رغم حياتهم البسيطة.
أما في السنوات الأخيرة و كأن هناك لعنة أصابت الأرض و العباد, هي عقوبة جماعية
هكذا تبدو لشعب لم يحافظ على ما كان يملك و لم يعرف كيف يتعايش مع تطورات و تحولات
العصر الحديث.
فقد هذا الشعب الكثير و هو يتقاتل على سراب الحكم و السؤدد, فقد أعز
ما يملك إنها الكرامة و العزة التي كانت تسمح له بأن يرفع أنفه عالياً أمام
الآخرين و جعلته يتوسل المساعدة في كل مكان حتى أصبح عبئاً على العالم. و أصبح
المثل يضرب بهذه الدولة كأفشل دولة فهي في مقدمة كل قائمة سيئة تصدرها المنظمات و
الهيئات العالمية.
تحامل الأب على نفسه و آلامه النفسية التي كانت تؤلمه أكثر مما تؤلمه
قدماه النحيلتان. مضى في طريقه ليطلب المساعدة لابنه المحتضر لعله يعيش ليرى حياة
مختلفة في قادم السنين. لعله يعيش ليرى صومالاً آمنا, لعله يعيش ليرى مستقبلاً
زاهراً يساهم فيه مثل غيره من أبناء الوطن ليبنوا مستقبلهم من تحت خط الصفر.
و كان الأمل الوحيد الذي يشجع هذا الأب على الاستمرار في مشيه, رغبته
العارمة ألا يموت ابنه و هو يحمل هذه الصورة القاتمة عن الصومال. انه يتضرع إلى
الله أن يمد في عمر هذا الصبي الصغير ليرى مستقبلاً مختلفاً يمحوا به خيبة جيل
بأكمله.
ملاحظة: هكذا تخيلت قصة من هم بداخل الصورة , فالصور في أحيان تحكي
ورائها حكايات لا تفي حقها الكلمات.